عندما تهاجم مجموعة من الغربان نسراً فإنه لا يقاتلها و لا يدافع عن
نفسه بل يحلق عالياً و يرتفع بحيث لا تصل الغربان إليه
هكذا يجب أن نكون نحن
عندما تتعرض لهجوم شرس عليك فحلق عالياً و ترفع عن الصغائر و لا تورط نفسك في صراع لا فائدة منه
تفيدنا هذه الحكمة كثيرا في حياتنا
و كل إنسان يتعرض في حياته للكثير من المصاعب و المشاكل مع الناس
يتعرض للتهجم و الظلم و الإساءات لكن الذكي هو من يعرف كيف يسمو بأخلاقه و شخصيته نحو الأعلى
و لا ينزل نحو مستويات أدنى
و لا أقصد هنا أن تتعالى و تتكبر و العياذ بالله بل أن نسمو بأخلاقنا و تعاملنا و لا أقصد أن
الغراب أقل من النسر بل هو كائن يخالفه
عندما يشتمك أحد بلفظ معيب فلا ترد عليه بالمثل بل حلق عالياً و ترفع عن النزول إلى مستواه
و قد أكد لنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه و سلم أن أحسن الناس عند الله أحسنهم أخلاقا
و تعلمنا من كتاب الله تعالى قوله جل في علاه : (( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون ))
فأفضل رد على من يشتمك و يسيء إليك أن ترد عليه بأخلاقك الحسنة و أدبك الرفيع و كما يقال :
عامل الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم
و كنت قد ذكرت لكم قصة الكلب المنفوخ الذي أكل و انتفخ و ظن بأنه صار الأقوى فتحدى الأسد ملك
الغابة و ظل ينبح أياماً طالباً من الأسد أن ينازله
لكن الأسد لم يعره أي اهتمام و لم يكترث لنباحه حتى أن وزيره النمر انزعج و نصح الملك قائلا : هل
تقبل أن يقول الناس بأن الأسد العظيم رفض أن ينازل كلبا !!!
فقال الأسد الحكيم : دعههم يقولون ذلك أفضل من أن يقولوا بأن الأسد العظيم ضرب كلباً ضعيفا
و تفيدنا حكمة النسور في حياتنا الفكرية و الأدبية عندما نتعرض للنقد اللاذع و الشديد سواء
كان نقداً بناءً أو محطماً
فعندما تتعرض للانتقاد .. حلق عالياً و طور أسلوبك و حسن قلمك و تعلم أكثر و أكثر و لا تجادل
و تدافع عن نفسك بل حاول الوصول بقلمك و فكرك إلى القمة بحيث لا يتمكن من ينتقدك من الوصول
إليك
فدعونا نتخذ من هذه الحكمة نبراساً في حياتنا و لنحلق عاليا
